Tuesday, November 24, 2009

صعود الجزائرالذي أخاف القاهرة

الكثيرون من الجزائريين تساءلوا لماذا يكرهنا المصريون إلى هذا الحد؟ قبل و بعد المقابلة الكروية في القاهرة و في السودان، و الجواب يتلخص في المعرفة الحقيقية بالغرور المصري تجاه بقية الدول العربية.
مصر تعتقد أنها بعد حوالي 60 سنة من ثورة ضباطها الأحرار أن التاريخ توقف عندها و أنها تتولى زعامة العالم العربي دون منازع إلى نهاية التاريخ، لكنها ذهلت لما رأت أن للجزائر صورة أنقى و أنصع بياضا من صورتها الملمعة بمساحيق التموقع السياسي و الإعلامي في مركز العالم العربي.
المصريون الذين يرون أنهم قطب الرحى و مركز العالم وأم الدنيا لا يقبلون أن تحظى الجزائر بمكانة مشرفة و سمعة محترمة لدى الأشقاء العرب بالدرجة الأولى و في بلدان أوروبية حمل مواطنوها فيها العلم الجزائري إحتفالا بالتتويج الكروي، لتصنع الجزائر حدثا كانت مصر لا ترى غيرها جديرا بصنعه.
مصر بكل أطيافها و أصواتها الرسمية و الشعبية و حتى "الثقافية" راحت تكيل للجزائر القدح و الشتم و الذم و توجه النعوت القبيحة لبلادنا التي ساندها الأشقاء العرب - دون أن تطلب منهم شيئا - سوى أنها تمثل الشجاعة و الجرأة و الطموح المشروع لنيل تذكرة الذهاب إلى المونديال.الذات المصرية التي لا ترى في غيرها سوى تابع لها كشفت عن حقيقة مخيبة أنها لا ترى في الجزائر غير الصورة السيئة القبيحة التي لا تتوافق مع غرورها و زعامتها المزعومة.
مصر لا تقبل أن ينافسها أحد في حمل الشغف العربي بكرة القدم إلى مونديال جنوب إفريقيا و تستكثر على الجزائر أن تكون لها شبيبة متفتحة طموحة و تصنع الفرح،بل وتجعل مختلف شبان الدول الأخرى تشاركها فرحتها.وبدا أن مصر تحمل لنا ضغينة دفينة لأن صوت الجزائر الذي علا في السودان أغاضها و لم يعجبها، فراحت أبواقها الإعلامية بوجوهها المتعددة تذكر الدنيا بما مضى من سنوات الدم و الدمار و الدموع التي عانيناها في تسعينات القرن الماضي و تناست مصر أن ما واجهناه من مصائب و تقتيل كان قد إنطلق من مصانعها التكفيرية.
مصر تبجحت أنها علمتنا العربية و القرآن و نست أنها صدرت الإرهاب الإسلاماوي إلى مختلف الدول العربية و منها الجزائر و أنها ليست بلد الحريات ولا التسامح و لا داعي لذكر الأمثلة الكثيرة عن ذلك.مصر التي لا ترى في السودان إلا تابعا لها إستاءت لضيافته لنا و لجماهيرنا بالحب و الود النابعين من أخلاق جزائرية تحترم الصغير و توقر الكبير و لا تخلط الأمور عندما يتعلق الأمر بسيادة الشعوب.
الغرور المصري لا يرضى أن ترفع الجماهير في العواصم المغاربية و العربية و الأوروبية علم الجزائر فرحا بالتأهل للمونديال، و لم تكن المواقف الشعبية في غزة المحاصرة و لا في دمشق الشام و لا في تونس و لا في الدار البيضاء و لا في باريس و لندن و روما موجهة ضد المصريين بقدر ما كانت حبا في الجزائريين و هذه صورة لا تتوافق مع الذهنية المصرية المنغلقة التي لا ترى سوى نفسها محورا للكون.
ضربة كرة قدم من عنتر يحي أصابت الغرور المصري في الصميم وجعلت بلدا ذو حضارة و تاريخ ضارب في القدم ينحط إلى سفالات التجريح البالية و السب و الشتم القبيح المتجرد من القيم الأخلاقية.
لقد إنتهت مصر التي كانت تقول أنها رائدة النهضة العربية وزعيمة القومية العربية لمجرد أن بها 80 مليون نسمة يعيش ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر و لا ينعم فيها أحد بالحرية. فالواقع المصري الأسود لا يسمح للقاهرة بتزعم العرب، بينما يمكن للجزائر بعنفوان شبابها أن تكون صوتا للغد الذي ينتظر الجماهير العربية و هذه الحقيقة بالطبع لا تعجب المصريين لكنها الحقيقة.NEMDIL

No comments:

Post a Comment

nemdil welcome